حادثة تحرش جماعي بجامعة القاهرة وحلقة جديدة من حلقات فشل الدولة في حماية أجساد النساء، والمسئولون يتبنون خطابات لوم الضحية
بيان صحفي
تعلن المجموعات والمنظمات الموقعة أدناه عن استيائها الشديد من واقعة التحرش الجنسي الجماعي، التي وقعت داخل أروقة جامعة القاهرة يوم الأحد الماضي 16 من مارس، حيث قام مجموعة من طلاب كلية الحقوق بجامعة القاهرة بملاحقة إحدى الطالبات والتحرش بها لفظيًّا وجسديًّا داخل الحرم الجامعي، إلا أنها تمكنت من الفرار منهم قبل أن يتمكنوا من نزع ملابسها، في مشهد متكرر للاعتداءات الجماعية التي أصبحت نمطًا عاديًّا بمصر خلال السنوات الأخيرة.
تأتي هذه الواقعة كحلقة جديدة في مسلسل فشل الدولة المستمر في حماية حق النساء في التحرك بحرية، وكذلك حقهن في السلامة الجسدية والتحرر من العنف، وذلك بالإضافة إلى تقاعس الدولة المستمر عن الالتفات إلى مثل هذه الجرائم وعدم جديتها في محاسبة الجناة والمتورطين، في ظل غياب للإرادة السياسية اللازمة لحل هذه المشكلة، والاكتفاء بحلول تجميلية ووقتية. هذا وتُحمِّل المجموعاتُ الموقعةُ الدولةَ - ممثَلة في وزارة التعليم العالي- مسئولية محاسبة الطلاب المتورطين في مثل هذا الفعل الشائن أدبيًّا، وإحالتهم إلى النيابة لمحاسبتهم على فعلتهم جنائيًّا، وفقًا لتوصيف الجريمة في قانون العقوبات.
إلا أن العجيب ـ حقًّا ـ في الأمر هو تصريح رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار – لأحد البرامج الفضائية، الذي بدلًا من الانتباه إلى تسرب مثل هذه الظاهرة الخطيرة إلى داخل حرم الجامعة، وهو المكان المنوط به توفير الحماية والبيئة الآمنة للطالبات والطلاب ـ الذي تبنَّي خطابًا رجعيًّا يقدم المبررات للمجرمين ويلوم الضحية، مدعيًّا أنها السبب فيما جرى بسبب ملابسها ـ على حد تعبيره ـ "غير الملائمة". ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد صرح رئيس الجامعة أن من يثبت تورطه – سواء الطالبة المُعتدى عليها أو الطلبة المعتدون - ستتم محاسبته وهو ما تراجع عنه في تصريحاته للصحافة أمسِ، وعلى حد قوله، سوف يتم اتخاذ الإجراءات الإدارية و القانونية ضد من ارتكب هذه الجريمة، وأرجع نصار تصريحاته السابقة إلى شدة الموقف والارتباك الذي تعرضت له إدارة الجامعة.
إن افتراض أن الفتاة التي تم انتهاكها جسديًّا، هي بشكل ما مسئولة عما وقع لها، ينزع المسئولية عن الجاني ويلقي بها على الضحية، مساهمًا بذلك في استمرار حالة التطبيع المجتمعي مع العنف الجنسي ضد النساء، ومانحًا موافقة الدولة على ارتكاب مواطنيها مثل هذه الجرائم بحق النساء، ليس فقط دون إعمال للقانون بل لَيِّ عنق هذا القانون ليُعاقِب المجني عليها بدلًا من الجاني.
إن موقع رئيس الجامعة ومسئوليته تحتم عليه أن يكون واعيًا بأبعاد مشكلة العنف الجنسي، وبخاصة تجاه الشابات، وأن ينتصر لحق الإنسان في الكرامة بدلًا من الانخراط في محاولة إيجاد مبرر لهذا الوباء المجتمعي، ومن هنا تطالب المنظمات والمجموعات الموقعة، رئيس الجامعة بتصحيح الخطأ عن طريق تطبيق صارم لسياسات ولوائح تكافح التحرش والعنف الجنسي وتوفر الدعم للناجيات والمعتدى عليهن.
ومن ناحية أخرى تؤكد المنظمات على كارثية التغطية الإعلامية لحوادث العنف الجنسي، التي تميل إما إلى التهوِين من شأن هذه الحوادث، أو أن تعمد إلى تناولها كموضوعات للإثارة، أو تبرر للسلطة تخاذلها وتقاعسها وفشلها في حل المشكلة، إلى الحد الذي بلغ بأحد المذيعين أن يصف الفتاة – في الحادثة المذكورة - بالعهر لأن ملابسها لم تكن مناسبة للجامعة وفقًا لتقديره الشخصي.
إن ملابس النساء لا يمكن بحال أن تكون مبررًا لأي انتهاك يلحق بهن، فلا يمكن اعتبار المظهر دعوة إلى ممارسات غير رضائية بحق النساء، في حين أن هذه الممارسات تعد جرائم وفقًا لقانون العقوبات المصري والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تلتزم بها مصر.
إن المنظمات الموقعة تناشد السلطات المصرية ضرورة تبني مقاربة شاملة لمواجهة هذه الحوادث والاعتداءات، تقوم فيها الدولة بإصلاح منظومتها الأمنية والمناهج الدراسية لدعم المساواة بين الجنسين وتعزيز قيم الكرامة وحرمة الجسد، وكذلك إطلاق حملة وطنية لتغيير المفاهيم المغلوطة بشأن العنف الجنسي القائمة على فلسفة التعامل مع النساء كمصادر للغواية، واعتبارهن السبب فيما يلحق بهن من عنف وتمييز، وحتى نحصل على قانون لمعاقبة التحرش الجنسي، يجب إعمال القوانين الحالية لمعاقبة المعتدين.
الموقعون:
- شفت تحرش
- قوة ضد التحرش و الاعتداء الجنسي الجماعي
- نظرة للدراسات النسوية
- مركز النديم للعلاج و التأهيل النفسي لضحايا العنف
- ضد التحرش
- خريطة التحرش
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- المرأة الجديدة
- بصمة
- مؤسسة قضايا المرأة
- تحرير بودي جارد